العالم. جمالياته وأحداثه: مقابلة مع تشارلز سيمِك /ترجمة: هاجر س. يوسف 

العالم، جمالياته وأحداثه: مقابلة مع تشارلز سيمِك 

بقلم: مايكل ج. فوغن

٢٢ أغسطس، ٢٠٠٨م 

ترجمة: هاجر س. يوسف 

لقائي الوحيد بتشارلز سيميك كان مثل شِعره، سرياليًا وموجز. في عيد القديس.باتريك ١٩٩٣م أدركت أنه ليس لدي شيء لأوقعه

بصفتي مبشرًا لسيمِك، كنت اعطي كتبه بشكل روتينيّ لكل مَن يعرب عن اهتمامه

فتّشت في مقعدي الخلفي لم أجد سوى كرة البيبسْول، وما يُحسب له، بالكاد ألقى نظرة على تقديمي الكروّي، واليوم، هو يجلس في واحدة من حاملات الكؤوس البلاستيكية على رف موقدي. بالطبع ما تلقيته من سيمِك كان أكثر أهمية ”رؤية لما يمكن أن يكون عليه الشِعر“ وجاء ذلك في شكل مجموعة قصائد نثرية ١٩٩٠م حائزة على البوليتزر بعنوان ” العالم لا ينتهي“ – حصاد الكتب، ١٩٨٩م

أخذ سيمِك أبسط شكل متاح في الفقرة النثرية الشائعة وملئها بصورة مذهلة تلو الاخرى، مستخدمًا لغة الحياة اليومية واختصارًا منحوتًا ليضاعف قوة نيران كل كلمة. كشف الكتاب أيضًا عن سخرية ثرية. الاختيارالذي يمو في ذهني دائمًا يصف طفولة فقيرة جدًا لدرجة أنه

«اضطر أن يحل مكان الطُعم في مصيدة الفئران»

قال لي الفأر وهو يقضم أذني

« هذه أيام مظلمة وشرّيرة ».

ولد سيمِك في بلغراد، يوغسلافيا عام ١٩٣٨م أمضى بداية حياته تحت ظلال الحرب العالمية الثانية، أثناء أحداث قصف بلغراد عام ١٩٤١م. إنفجار مجاور قذفه من سريره فاقد الوعي، فهاجر الى الولايات المتحدة مع عائلته في عمر السادسة عشر. نشأ في شيكاغو وحصل على درجة الامتياز من جامعة نيويورك. وأصبح أستاذا فخريًا للأدب الأمريكي والكتابة الإبداعية لجامعة نيوهامشير، كان سيمِك يعيش على شاطىء بحيرة القوس في ستراتفورد، نيوهامشير

جنبًا إلى جنب مع جائزة بوليتزر، حصل سيمِك على زمالة ماك آرثر عام (١٩٨٤-٨٩)م وجائزة والاس ستيفنز عام ٢٠٠٧م. وكمحرّر مساعد في مجلة نشرة باريس، عمل أيضا كمترجم، وكاتب مقالات وفيلسوف. وفي عام ٢٠٠٦م أعادت مجلة نيويورك لمراجعة الكتب، طباعة إشادته عام ١٩٩٢م لفنان الكولاج الأمريكي جوزيف كورنيل، ديم- ستور آلكمي. آخر مجموعاته الشعرية ”هذا الشيء الصغير“ أصدرها هاركورت في أوائل عام ٢٠٠٨م

إن استخدام سيمِك للواقع لم يكن جامحًا، تجارب التحول العالمي انتشرت بالحركة الأولية السريالية في بداية القرن العشرين، بل وصلت باختصار، رحلاتٌ مُحمّلة بالصور، لتوسع وتجمّل خطاب القصيدة العادية. القصائد كمادة مستقطبة للضوء، تنمو ذاتيًا. كتبت مراجعة لمجلة نيويورك- لمراجعة الكتب

”حيث مشهد، يجمع نفسه من صور غير مفسرة، فجأة لكتلة يمكن تمييزها“

في الثاني من أغسطس عام ٢٠٠٧م، حصل سيمِك على جائزة الشاعر الخامس عشر في الولايات المتحدة، وهو منصب قدره خمسة وثلاثون ألف دولار كمنصب شرفيّ لا يتطلب مقومات محددة 

اجرينا مقابلتنا من خلال مراسلات البريد الإلكتروني، ولم يتم تبادل أي كرات بيسبول

المقابلة

مصدر المقابلة

terra.orgموقع

 في العديد من المقالات الاخبارية حول إعلان الفائزين، وصف عمل

بأنه مظلم وهذا لا يبدو دقيقًا تمامًا 

تشارلز سيميك

أنا متشائم مبتهج، الحياة رائعة، ولكن نحاط كل يوم بالمآسي، إن لم يكن لنا، فالآخرين، الامر متروك للقارئ أن يكتشف كيف يخرج كل هذا من قصيدة لقصيدة، أنا ببساطة أبلغ إحساسي الخاص عن العالم، جمالياته وشروره

بالحديث عن المفاتن والشرور، قصائدك تأخذ وقتًا متأخر من الليل، وترتقي بالمواضيع والأمكنة المشتركة إلى موضع مقدس تقريبًا. هل هذه إحدى وظائف الشاعر؟ أن يسلط الضوء على المخفي والمضمون؟

تشارلز سيميك

نعم، هو كذلك. فنحن لا نرى عادة ما هو حولنا. القصيدة الجيدة ترجع لك حاسة البصر والسمع. في الواقع،

أحد إنجازات الشعر. كنت أحب المتاجر المتهدمة في الأحياء الفقيرة: محلات الرهونات، ومحلات بيع الحيوانات الأليفة، ومحلات البقالة، ومحلات الحلاقة، والملاعق الدهنية. لقد كتبت طوال حياتي عنهم أما بالنسبة للإعدادات في وقت متأخر من الليل في قصائدي، إنه أرقي طوال حياتي. عادةً أنا مستيقظ بينما الجميع يغط في النوم

 مثل الكثيرين، اكتشفت أول مرة كتابتك في مجموعة قصائدك النثرية التي بعنوان ”العالم لا ينتهي“ ثمة امر ما في هذه الفقرات ذات المظهر البسيط والمليء بالصور؟ كيف نشأت هذه المجموعة؟

تشارلز سيميك

هذه “القصائد” لم تُكتب عمدًا كقصائد نثرية. فقد كُتبت على مدى سنوات عديدة في مذكراتي، ثم عثرت عليها. وبالطبع، بمجرد أن أثارت إهتمامي، عملت بلا نهاية على إصلاحها. الشيء اللطيف حول ذلك الكتاب هو أنني لم يكن لدي فكرة أنني أكتبه، لذا يمكنني أن أكون حُر كأنني لم أكن

: جانب آخر من هذا الكتاب هو استخدام التشبيه السريالي. ولكن السريالية تبدو أكثر ندرة هذه الأيام. هل تجد صعوبة في جعل طلابك يأخذون هذه “التحليقات” في عملهم؟

تشارلز سيميك

إنهم غير معتادين على استخدام الخيال، معظمهم لديه الكثير منه، لكنهم يشعرون بالحرج من استخدامه، لذلك عملي هو إقناعهم أن الأمر كله حول إستغلال الفرص، والمخاطرة بجعل أنفسهم حمقى ومفلسيين. بخلاف ذلك، إذًا لماذا نكتب؟

إن إيجاز قصائدك، والشعور بأنها قد نُحتت حتى قلبها، يحبِسُ الأنفاس. فهل يتحقق ذلك من خلال جهد مكثف، أم أن نهجكم إختزالي ويتسم بالإحاطة منذ البداية؟

تشارلز سيميك

أنا أراجع إلى ما لا نهاية ونعم، في هذه العملية، قصائدي تصبح أقصر فأقصر. في مرحلة ما، أدرك أن أيّا ما يكون لديّ هناك هو كل ما تحتاجه القصيدة. تحدي قول “كل شيء” ببضع كلمات يستمر في إغرائي

يبدو ان فاصل السطور هو الجانب الأكثر تشويشًا -بالنسبة للشاعر المبتدئ– عن الشعر الحُر. بعض الشعراء يستخدمونها لإثارة القارئ أو للتخلص من إيقاعات الكلام المعتادة، في حين أنها لديك تكون سلسة للغاية وغير بارزة. هل هذا مقصود أم هي الطريقة التي يخرجون بها من عقلك؟

تشارلز سيميك

أنا حذر جدًا مع فواصل سطوري بينما أراجع القصيدة. أحرّفهم بلا نهاية. المثالية أن تجعل القارئ ينسى أنه يقرأ قصيدة

كتبت كتاباً من مقالات وقصائد عن فنان الكولاج (جوزيف كورنيل) هل تجد عمومًا الإلهام من الفنانين والموسيقيين؟ هل تستعين بحواس الموسيقى مع أصوات كلماتك؟

تشارلز سيميك

ليست الموسيقى. أستمع إليها طوال الوقت، لكن بالنسبة لموسيقى اللغة، أقرأ شعراء الماضي الكبار بدلاً من الاستماع إلى باخ. أما الفنون الأخرى والتصوير الفوتوغرافي والأفلام لطالما كانت مهمة بالنسبة لي وكذلك الرسم منذ أن أحببت الصور

ما الذي أعجبك في عمل (كورنيل)؟

تشارلز سيميك

تقنية الكولاچ ”الملصقات“. فكرة أن الأشياء التي يتم العثور عليها بالصدفة يمكن أن تصنع عملًا فنيًا

 من شعرائك المفضلين؟

تشارلز سيميك

إميلي ديكنسون، روبرت فروست، والاس ستيفنز

هل اغُريت يومًا ان تكتب شعر تقليدي؟

كتبت بعض القصائد بالقافية والوزن عندما كنت أصغر سنًا، ربما أفعلها ثانيةً

هل هناك نوع من الموسيقى المفضلة تستمع إليها وأنت تعمل؟

صوت الأوعية والطاسات بينما زوجتي تعد العشاء

هل هناك شيء معين جذبك إلى (نيو هامشير)؟

تشارلز سيميك

كانت وظيفة في البداية، لكن بعد ذلك كبرت على حب المكان

هل هناك وسيلة تَرْويح عن النفس تتبعها عندما تريد حصد أفكار؟

تشارلز سيميك

التَمْشِية

هل تجد أجزاء من طفولتك اليوغسلافية -أو جوانب من ثقافتك – تظهر في عملك؟

تشارلز سيميك

غادرت يوغسلافيا منذ 54 عامًا، كتبت عن طفولتي من حينٍ لآخِر، ولكن نادرا ما أفكر فيها. لم تكن الثقافة هي التي أثرت عليّ، لكن القنابل التي سقطت على رأسي من 1941 إلى 1944، بالإضافة إلى كل الأشياء السيئة الأخرى التي حدثت في بلغراد المحتلة

هل تستمتع بالقراءات العامة؟ هل تجد نفسك تحرر القصائد بعد قراءتها بصوت عال؟

تشارلز سيميك

:لقد قرأت أكثر من 1000 قراءة في 40 عامًا، لذلك نعم أنا أستمتع بذلك. وبطبيعة الحال، أغير القصائد وأنا اقرأها وكما كنت أفعل ذلك دائما.

ما هي النصيحة الأكثر شيوعاً التي تعطيها للشعراء الشباب؟

تشارلز سيميك

اقرأوا كل شيء

ما العقبة الوحيدة التي تقف بين الأمريكي العادي والشعر؟

تشارلز سيميك

التعليم. لا يُقرأ الشِّعر في المدرسة بما فيه الكفاية، رغم أن الأولاد يحبون الشِّعر

ترجمة

هاجر يوسف

شاعرة وكاتبة مصرية مواليد ١٩٩٧م
ديوان تحت الطبع «ذاكرة معطوبة ولغةٌ من ليمون» ومجموعتات قصصيتان قيد الكتابة «أحلم برأسين» و «كتابة يوم واحد»، حاصلة على بكالوريوس علوم وتربية، كتبت لعدة منصات، مهتمة بترجمة الأدب والشعر ومراجعات الكتب والمقالات الأدبية

Leave a comment