مقال كامل التلمساني _ أنجيلو دي ريز _ في مجلة دون كيشوت _ ترجمة . أ. سمير غريب

نشر في فبراير 1940 في مجلة دون كيشوت بالفرنسي

مضت أربع سنوات مسرعة منذ وضع أنجيلو دي ريز بعضا من لوحاته المضيئة في حجرة ضيقة في القاهرة ، ثم كف عن التفكير فيها .
استطاع الناس في حضوره التحقق من وجود تصوير آخر غير الذي اعتادوا عليه . ابتعدوا عن فظاظة البقالات الفنية التي هيجت عيونهم وموهت على مودة الطبيعة . طالبوا من جديد بحقهم في التمتع بالخيال .
في الرقص مع الطيور الخضراء والسحب نصف الشفافة في تلك اللحظة التي يبزخ فيها القمر كامل الإستدارة . عرفوا أن هذه الفتاة ذات الجفون المثقلة بالرؤى ، التي تبدو كل مساء في الأفق البعيد والتي تتلاشى عندما يلهو الفجر ….. هذه الفتاة التي نقش الزمن على جفونها بحنان والتي رسمت الريح أهدابها بألوانها الخالدة …. هذه الشخصية النقية التي تبدو لنا غريبة في حين أنها تعيش بشدة في أحلامنا …. هذه المخلوقة لم تغلق فمها المرجاني إلا لكي تجمع على شفتيها طعم القبلة والإنتحار في آن واحد تقريبا .

عيناها تضحكان في الفضاء بلا انقطاع لكل واحد ما عداك ، صديقي البائس الذي حرمه العالم من خيال باسم ، طائش ، طائر مع العصفور الأبيض ،سابح مع السمكة الحمراء كل صباح …..

يتحطم كأس النبيذ الأحمر العادي الذي عكرته دوامات ألمك وعواصف أحزانك . تحتضر سيجارتك الأخيرة والعلبة الفارغة جرفها النهر اللامبالي .

السحابة ليست بعيدة جدا عن قمة الجبل مثلما يقول تجار المعبد بالحاح ، انها على العكس قريبة جدا .
توقف لحظة وتأمل هذاةالكنز الذي نسجت حوله الجنيات هيكلا غازيا غير مرئي ، حتى أن الحلم لا يطابق الرؤية .

تدخلك العزلة من كيانك كله ، بلا نظام ، مع ضوء النجوم والخمول الفلكي الهائل .. أنت الروح الحزينة ، التي تبكي خلال اليوم ، الخيال المكمم .
مد يدك وامسك السحابة لأنها أيضا بعيدة مثلما يقول البقالون بالحاح ، ها هي تعبر النافذة وتأتي لتمسك . إنها تخترق الأسوار لتعيش معك ، تشاركك أحلامك وخيالاتك التي أراد الجهلة أن يخربوها .
السحابة الآن تواجه قلبك تماما …..فاستمع لاهتزازها … انها تقابل رئتيك تماما …فاستمع لخفقانها . انها مفعمة بإيقاعات حنينية ستبقى إلى ما بعد موتك .

أنفذ الضوء . انزع اللوحة . حطم الإطار والقه بعيدا من النافذة .
حتى لا تستطيع أن تعيش مع هذه الكائنات العزيزة التي خطفها الغيورون الذين لا يفهمون الحياة والإنسان . طهر يا صديقي قلبك مع هذه السحابة التي أتت نحوك ، عبر النوافذ والأسوار . منطلقة من يدي الرسام السريالي أنجيلو دي ريز . الصامت الأبدي . لأن الهواء والسحب تنتمي إلى البؤساء الذين ليست لهم أرض

أعمال لأنجيلو دي ريز

Advertisement

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s